Thursday, September 9, 2010

القول على الیاقوت

 أصنافه أربعةٌ: ( الأحمر) وهو أعلاها رتبة، وأغلاها قیمةً و (الأصفر)،و (الأزرق)،و (الأبیض).
وللأحمر سبع مراتب: أعلاها الرمّانی، ثم البهرمانی ثم الأرجوانی، ثم اللّحمیّ، ثم البنفسجی، ثم الجلناریّ، ثم الوردی.
(فالرمانی) هو الشبیه بحب الرمان الغضّ، الخالص الحمرة، الشدید الصبغ، الكثیر الماء، ویؤخذ لونه بأن یقطر على صفیحة فضة مجلاة قطرة دم قرمز، أعنی من عرق ضارب فلون تلك القطرة على تلك الصفیحة هو (الرمانی) الجوهریین،(والبهرمانی) یشبه بلون البهرمانی،وهو الصبغ الخالص، الحاصل عن العصفر دون زردج. ومن الجوهریین وهو من عن من یفضل البهرمانی الرمانیّ، والتفضیل إنما هو بشدة الصّبغ وكثرة المائیة، والشعاع ومنهم من یقول: هما شیءُ واحد وإنما أهل العراق یقولون: بهرمانیّ، وأهل خراسان یقولون: رمانیّ. فالخلاف لفظیٌ.
(والأرجوانی) أیضاً شدید الحمرة. وقیل: كان الأرجوانیّ لباس قیاصرة الرّوم. وكان محظوراً عن السوقة إلى زمن الإسكندر، فإنه اقتضى رأیه أن لا یختص الملك بلباسٍ یعرف به، فیقصد.
ومنهم من یسمی الأرجوانیّ: (الجمریّ)، بالجیم، تشبیهاً له بالجمر المتقد. وصحفه بعضهم (بالخمری) وكأنّ الخمریّ هو البنفسجیّ.
وأما (اللحمی) فهو دون الأرجوانیّ فی الحمرة، یشبه ماء اللحم الطریّ الذی لم یشبه ملحُ.

  


و(البنفسجی) یشوبه كهبةٌ تخرجه عن خالص الحمرة وهو لون البنفسج المعروف بالماذنبیّ وأما ( الجلناریّ) فتشوبه بعض صفرةٍ و(الوردی) یشوبه بیاض، وهو أنزل طبقات الأحمر.
وأجود هذه الألوان كلها: ما توفر صبغه، وماؤه، وشعاعه، وخلا عن (النمش)، وعن (الخرملیات) وهی حجارة تختلط به، وعن (الرتم)، وهو وسخ فیه شبه الطین،وعن (التفث) وهو كالصدع فی الزجاجة، إذا صدمت یمنع نفود الضیاء والإشفاف. وهذا قد یكون أصلیاً، وقد یكون عارضاً.
ومن عیوبه أیضاً اختلاف الصبغ، فیشبه البلقة، ومنها غمامةٌ بیضاء صدفیةٌ، تتصل ببعض سطوحه، فإن لم تكن غائرةً، ذهبت بالحكّ، وإذا خالط الحمرة لون غیرها، یزول بالحمی بالنار بتدریج، وتبقى الحمرة خالصةً، ولا یثبت على النار غیرها، ومتى زالت الحمرة بالحمی، فلیس بیاقوت.
ومعدن الیاقوت بجبلٍ یسمى (الراهون) فی جزیرة سرندیب وفی سیلان ومكران، ومعدن الیاقوت الأصفر، والأزرق، وتحت جبلها (البرق) معدن الیاقوت الأحمر.
والیاقوت، أصلب الجواهر، ولا یخدشه منها إلاّ الماس ولا ینجلی بخشب العشر الرطب، وإنما یسوى بالسنباذج، ویجلى على صفیحة نحاس بالجزع المكاس والماء،وهو أشدّ الجوهر صقالاً. وأكثرها ماءً، وشعاعه فی اللیل فی ضوءٍ الشمع أحمر. وشعاع البلخش ونحوه أبیض.
وذكر القدماء أنّ قیمة المثقال الفائق من الیاقوت الأحمر ثلاثة آلاف دینار. وأما فی الدولة العباسیّة، فإنّ الغالب من قیمته، أنّ الجید منه، إذا كان وزن طسوجٍ، یساوی خمسة دنانیر، وضعفه عشرین دیناراً، وسدس مثقال ثلثون دیناراً، وثلث مثقال مائةً وعشرین دیناراً، ونصف مثقال، أربعمائة دینارٍ. والمثقال بألف دینارٍ، والمثقال ونصف بألفی دینارٍ، هذا ما تقرر فی أیام المأمون مع كثرة الجوهر فی ذلك الزمان.
والمقال من (البهرمانیّ) بثمانیمائة دینار.
ومن (الأرجوانی) بخمس مائة دینارٍ.
ومن (الجلناریّ) بمائتی دینارٍ ومن (اللّحمی) بمائة دینار.
و (البنفسجی) یقاربه.
و (الوردی) دون ذلك.
وكان فی خزانة الأمیر (یمین الدولة) یاقوتة شكلها شكل حبة العنب، وزنها اثنا عشر مثقالاً، قومت بعشرین ألف دینار.
وكان للمقتدر فصّ یسمى (ورقة الآس) لأنه كان على شكلها وزنه مثقالان، إلا شعیرتین اشتراه بستین ألف درهم.

 
 
وأما فی هذا الزمان، فإنّ قیمة الیاقوت وسائر الجواهر، زادت كثیراً، وأما الیاقوت الأصفر فأعلاه ما قارب (الجلناریّ) وبعده (المشمشیّ)، وبعده (الأترجیّ) وبعده (التبنیّ) وبلغت قیمة الأصفر الجید، المثقال مائة دینارٍ.
وأما (الأزرق) ویسمى (الأكهب) فأعلاه (الكحلیّ) ثمّ (النیلیّ)، ثمّ (اللازوردیّ) ثمّ (السمائیّ) وكان فی القدیم قیمة الجید من (الأزرق) عشرة دنانیر، المثقال، وما زاد فتزداد قیمته بأضعاف ذلك.
وأما الأبیض فإنه یحمل من (سرندیب) ویكون رزیناً بارداً فی الفم، وأجوده (البلوریّ) الكثیر الماء، وهو أقل قیمةً من سائرها.
قال أرسطو طالیس: إنّ مزاج سائر الیواقیت حارٌ یابسٌ، وإذا علق شیءٌ من أی أصنافه كان، على إنسانٍ، أكسبه مهابةً فی أعین الناس، وسهل علیه قضاء حوائجه ودفع عنه شرّ الطاعون.
وقال ابن سینا: إنّ خاصیته فی التفریج، وتقویة القلب ومقاومة السموم، عظیمة.
وشهد جمع من القدماء أنه إذا أمسك فی الفم، فرح القلب.
غفران: وقال الغافقیَ وغیره: إنَه ینفع نفث الدَم، ویمنع جموده تعلیقاً.
وقال ابن زهرٍ: إن شرب سحیقه ینفع الجذام، وإن التختم به، یدفع حدوث الصرع.
وقال ابن وحشیَة: من علق علیه الیاقوت الأبیض، اتسع رزقه، وحسن تصرفه فی المعاش.
وفی زماننا هذا، حجر نفیس یعرف “بعین الهرَ” لشبهه إیَاها كأنَ فیه زئبقاًَ یتحرك، یتغالى فیه الملوك والأمراء.
ویقال إنَه من أصناف الیواقیت، ویظهر من معادنها. وقیمته، إذا كان فائقاً، وزنته نحواً من نصف مثقال – ألف درهم فما فوقها، ویقال وقایةٌ لعین المجدور.